منذاندلاع الحرب في غزة قبل أكثر من 22 شهراً، تحوّل الصحافيون والعاملون في الإعلامإلى أهداف متكرّرة للغارات الإسرائيلية، ما يدلّ على اتباع إسرائيل لسياسة ممنهجةلإسكات الأصوات التي تنقل حقيقة ما يجري. وتشير منظمات حقوقية إلى استشهاد أكثر من200 صحافي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، في حصيلة وُصفت بأنها غيرمسبوقة في النزاعات الحديثة.

الاثنين،تكررت المأساة مع قصف إسرائيلي استهدف مستشفى ناصر في خان يونس جنوب القطاع، ماأسفر عن سقوط 20 ضحية بينهم خمسة صحافيين وأحد عناصر الدفاع المدني. وقال المتحدثباسم الدفاع المدني الفلسطيني محمود بصل إن المستشفى أصيب بغارتين جويتين، استهدفتالأولى مبنى الياسين الطبي، فيما أصابت الثانية طواقم الإنقاذ والجرحى أثناءإخلائهم.

وسرعانما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيقود تحقيقاً أولياً، مدّعياً أنه “لا يستهدفالصحافيين”، ومعرباً عن “الأسف لأي إصابة طالت أشخاصاً غيرمتورطين”. لكن نقابة الصحافيين الفلسطينيين وصفت ما جرى بأنه “جريمةاغتيال” استهدفت أربعة صحافيين أثناء تأدية واجبهم المهني، قبل أن تعلنلاحقاً وفاة الصحافي أحمد أبو عزيز متأثراً بجراحه.

الهجومأثار ردود فعل واسعة في الوسط الإعلامي العالمي. قناة “الجزيرة” نعتمصوّرها محمد سلامة، فيما أعلنت وكالة “رويترز” استشهاد المتعاقد معهاحسام المصري وإصابة زميله حاتم خالد بجروح. وأعربت الوكالة عن “بالغالأسى”، مطالبة بتوفير المساعدة الطبية للمصاب. أما وكالة “أسوشيتدبرس”، فعبّرت عن “الصدمة والحزن” لاستشهاد الصحافية المستقلة مريمأبو دقة التي تعاونت معها منذ بداية الحرب.

وفيباحات مستشفى ناصر، تحوّلت الجنازات إلى مشهد رمزي مؤثر؛ إذ وُضعت سترات الصحافةعلى جثامين ثلاثة من الضحايا، وردّد المشيعون شعارات تمجّد “رسالةالشهداء”. وقال شقيق الصحافي حسام المصري: “لن نتوقف عن إكمال المسيرة،ستخرج الصورة”.

علىالصعيد الحقوقي والمهني، طالبت جمعية الصحافة الأجنبية، التي تمثل الصحافيين العاملينمع وسائل إعلام دولية من القدس والضفة وغزة، بـ”توضيح فوري” من الجيشالإسرائيلي ومكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووصفت استهداف الصحافيين بأنه”ممارسة مشينة يجب أن تتوقف نهائياً”. كما أدانت لجنة حماية الصحافيينومنظمة “مراسلون بلا حدود” تكرار الانتهاكات، مذكرتين بأن العشرات منالإعلاميين قُتلوا في ضربات سابقة، بينهم طاقم لقناة “الجزيرة” في مجمعالشفاء الطبي.

أماردود الفعل الدولية فجاءت حادة. مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوسدعا إلى وقف الهجمات على المراكز الطبية، مؤكداً أن سكان غزة “يتضورونجوعاً” فيما يُحرمون من الرعاية الصحية. تركيا وصفت الغارة بأنها”اعتداء على حرية الصحافة وجريمة حرب أخرى”، بينما شدد الرئيس الفنلنديألكسندر ستوب على أن ما تقوم به إسرائيل في القطاع “انتهاك صارخ للقانونالدولي” وتجسيد لـ”فشل الإنسانية”.