لعقود من الزمن، احتلت الفواكه والخضراوات قمة النظام الغذائي الصحي، وهيمنت على نقاشات الأكل المُغذي، من الخضراوات الورقية الغنية بالألياف، إلى التوت الغني بمضادات الأكسدة. وحظيت الأطعمة النباتية باهتمام واسع، باعتبارها الأكثر ارتباطا بانخفاض خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، وفقا للتقييم الصادر عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة.

لكن تطور علم التغذية، كشف عن منافس مفاجئ هو سمك فرخ المحيط “أوشن بيرش” (Ocean Perch)، الذي أحدث ضجة باحتلاله مكانة متقدمة ضمن أكثر الأطعمة صحة في العالم، رغم أنه ليس مشهورا مثل سمك السلمون أو التونة.

فوفقا للتصنيف الشامل للأطعمة الذي تجريه هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، احتل سمك فرخ المحيط المركز الثالث، بتقييم غذائي يبلغ 89 من 100، ولم يتفوق عليه سوى مكسرات اللوز، وفاكهة الشيريمويا (القشطة) التي تشتهر بقوامها الكريمي ومحتواها الغني بالفيتامينات، وتُزرع على نطاق واسع في معظم المناطق الاستوائية من العالم.

سمك فرخ المحيط -المعروف أيضا بسمك الورد أو سمك النهاش الأحمر- هو نوع لذيذ متعدد الاستخدامات ومطلوب بشدة، يعيش بشكل رئيسي في شمال المحيط الأطلسي وشمال المحيط الهادي، وعلى طول سواحل الولايات المتحدة وكندا واليابان وروسيا والبحر الأبيض المتوسط؛ ويحتوي على أكثر من 100 نوع، إذ يتميز بتنوع واسع في الأحجام والألوان والصفات، بحسب بول بان، رائد الأعمال في مجال الأغذية، ومؤسس ومحرر مجلة “أوشن إنسايدر”.

وبفضل لونه الأحمر النابض بالحياة ونكهته الرقيقة المعتدلة، وقوامه المتماسك الذي يجعله مناسبا للشواء والخبز والقلي، ونسبة البروتين العالية فيه؛ أصبح فرخ المحيط من الأسماك المفضلة لدى محبي المأكولات البحرية، إذ يُعدّ مثاليا لوصفات السمك مع البطاطا المقلية الكلاسيكية.

ويصل عمر سمكة فرخ المحيط إلى 25 عاما، ويتراوح متوسط طولها بين 12 و15 بوصة، وقد يصل إلى 20 بوصة، ويتحول لون لحمها الشفاف إلى الأبيض عند طهيها. وهي سمكة قليلة الدهن وتوفر العناصر الغذائية الأساسية دون إضافة سعرات حرارية أو دهون زائدة.

ويُعدّ سمك فرخ المحيط عنصرا أساسيا في الوصفات التقليدية للدول الإسكندنافية مثل النرويج والسويد، حيث يُحضّر بمكونات بسيطة تضفي نكهة طبيعية مميزة.

ونظرا لنكهته الخفيفة، يُستخدم سمك فرخ المحيط في تحضير السوشي، إذ يضفي لمسة لذيذة على هذه الأطباق اليابانية التقليدية.

ووفقا لوزارة الزراعة الأميركية، “يتوافق سمك فرخ المحيط مع نظام غذائي غني بالبروتين ومنخفض الكربوهيدرات أو خال من الكربوهيدرات”.

ففرخ المحيط سمك منخفض السعرات الحرارية، وغني بالبروتين، إضافة إلى العناصر الغذائية الأساسية، حيث “تحتوي الحصة القياسية زنة 100 غرام، على 79 سعرا حراريا فقط، و20 غراما من البروتين”، مما يجعله خيارا ممتازا لأي شخص يهدف لتزويد نفسه بالطاقة دون الإفراط في تناول الدهون أو الكربوهيدرات، إلى جانب أنه “يُعد مفيدا بشكل خاص لمن يتبعون نظاما غذائيا قليل الدهون، أو نظاما غنيا بالبروتين، أو يحاولون تقليل تناول الأطعمة المصنعة”.

لكن الأمر لا يقتصر على البروتين فحسب، بل يوفر هذا النوع من السمك أيضا جرعات صحية من فيتامين “بي 12”، والسيلينيوم، والفوسفور، وأحماض أوميغا 3 الدهنية، “وهي عناصر غذائية تدعم صحة القلب، ووظائف الدماغ، وتقوية جهاز المناعة”.

أيضا، تحتوي هذه السمكة على نسبة منخفضة من الدهون المشبعة، “مما يجعلها مثالية لمن يراقبون مستوى الكوليسترول لديهم، أو يسعون إلى تقليل الالتهابات”. وكلها مزايا تُكسب هذه السمكة قيمة غذائية هائلة تجعلها تحظى باهتمام خبراء التغذية وباحثي الصحة العامة.

تقول جينيفر دي نويا، أستاذة علم الاجتماع المساعدة بجامعة وليام باترسون، التي طورت نظام التقييم الغذائي لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، “إن التصنيفات الغذائية الموثوقة تساعد المستهلكين على اتخاذ خيارات أكثر ذكاء”.

وتوضح أن الأطعمة ذات التصنيف الأعلى توفر مزيدا من العناصر الغذائية لكل سعر حراري، وهو ما يعني أنك “تحصل على مقابل أكبر لأموالك، وفائدة أكبر لجسمك، من خلال التركيز على الأطعمة التي تقدم تغذية غنية دون سعرات حرارية زائدة أو سكر أو دهون مشبعة”.

ومن أهم ما يُظهره التقييم العالي لسمك فرخ المحيط أن “تناول الطعام الغني بالعناصر الغذائية، لا يعني بالضرورة الاكتفاء بالسلطات”، ولكن الأفضل “تناول طبق متنوع يحتوي على بروتينات قليلة الدهون، ودهون صحية للقلب، وخضراوات ورقية، للمساعدة في تحقيق الأهداف الصحية بشكل أسرع وأكثر استدامة”.

تُنبه جامعة “مين” الأميركية إلى أن سمك فرخ المحيط سمك أبيض اللحم، “ويجب التعامل معه بحذر لأنه يميل إلى التلف أسرع من الأسماك الأخرى”. وقد أبدع بول بان في تقديم 3 طرق سريعة ولذيذة لطهي هذا السمك الفريد، وهي: