نقاشٌ واسع، وتهم بـ”الخيانة” توالت على حسابات داعمة لانفصاليي “البوليساريو”، بعد منشور للنائبة في البرلمان الأوروبي ريما حسن، وهي فلسطينية فرنسية معروفة بمواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية، والجدل المثار حولها خاصة من لدن اليمين واليمين المتطرف الفرنسي، الذي يتهمها سياسيون منه بـ”الخيانة” إثر مواقف لها من قرارات فرنسية رسمية.

وركزت حسابات ومقالات داعمين للانفصال عن المغرب على اتهام ريما حسن بـ”الخيانة” و”الحربائية”؛ نظرا لرفضها مقارنة الانفصاليين بين “القضية الفلسطينية” وبين “ملف الصحراء”، قائلة إن المقارنة لا تستقيم ولا تجوز. كما ركز المنتقدون على إعجاب النائبة الأوروبية بتعليق يتحدث عن الحدود التاريخية للمغرب، قبل الاحتلال الأجنبي؛ وهو ما ردت عليه بقول إنها “ضغطت زر الإعجاب دون قصد”، على منشور يتحدث عن الأراضي التاريخية المغربية، التي يقع جزء منها اليوم ضمن الحدود الجزائرية بعدما ضمها الاحتلال الفرنسي خلال الاستعمار، مردفة أنها تعتذر لمن رأوا في ذلك مسا بـ”الوحدة الترابية الجزائرية”.

كما وضحت السياسة الفرنسية الفلسطينية أن صورتها مع أشخاص يرتدون علامة “جبهة البوليساريو”: “التقطت خلال اجتماعٍ، لا خلال نشاط جمعيات قريبة من جبهة “البوليساريو”، وبكل بساطة قبلت التقاط الصورة مع من طلبوها كما هي عادتي”، قبل أن تضيف أنها توضح هذا ليُعرف “إلى أي مدى استُعمِلتُ دون إرادتي”.

وبعد الجدل الذي أثاره نصها على حسابها بمنصة “إنستغرام”، أوقفت النائية الأوروبية التعليقات، وحجبت سابقتها، علما أنها قد أرفقت النص الأول، ثم تاليهِ التوضيحي، بذكر أنها ستمحو “تعليقات الكراهية التي تسير ضد التزامي في موضوع الوحدة والأخوة الجزائرية المغربية”.

وفي النص الأول، سجلت السياسية المنتمية إلى “حزب فرنسا الأبية” اليساري أن “سؤال الصحراء” في “قلب التوترات بين الجزائر والمغرب”، مردفة: “الصحراء قد استُعمرت مثل بقية أراضي القارة الإفريقية؛ وهو ما قام به الإسبان سنة 1884.

وقبل هذا الاستعمار لم تسم ‘دولة’ بالمعنى القانوني للكلمة؛ بل كانت قبائل عربية وأمازيغية صحراوية مرتبطة بـ’المملكة الشريفة’ و’الإمبراطورية المرابطية’ (…) بروابط ثقافية ودينية واقتصادية حتى”.

وزادت: “في الخمسينيات والستينيات بأثر من الحركات الداعية لنزع الاستعمار، طالبت المنطقة بالاستقلال (…) وفي سنة 1973 تأسست جبهة “البوليساريو” وحظيت بدعم الجزائر (…) وفي سنة 1975 طالب المغرب وموريتانيا باستعادة الإقليم (…) ونظم الملك الحسن الثاني يوم 6 نونبر 1975 “المسيرة الخضراء” التي كانت “300 ألف مغربي ومغربية متطوعين، وغير مسلحين، قطعوا بشكل سلمي الحدود مع الصحراء”.

تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن هاته الحدود قد أقامها الاستعمار الإسباني، مع المنطقة التي كانت قد احتلتها فرنسا؛ نظرا لاحتلال معظم تراب المغرب من لدن دولتين، فضلا عن إقامة منطقة دولية باتفاق بين دول أوروبية أخرى، خلال العقود التي شهدت فيها معظم القارة الإفريقية احتلالا أجنبيا.

وكتبت ريما حسن أنه، بعد “المسيرة الخضراء”، انسحبت يوم 14 نونبر 1975 “إسبانيا بموجب اتفاقيات مدريد (دون تنظيم استفتاء)”، واقتسمت السيادة بين المغرب وموريتانيا، مع رفض “البوليساريو”.

ثم قالت إنه في سنة 1975 طلبت الأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية الإجابة عن “السؤال” فذكرت في نص جوابها من بين ما ذكرته وجود “روابط قانونية للولاء بين بعض قبائلَ صحراوية وسلطان المغرب، وأيضا مع موريتانيا”. كما سجلت أن الصحراء حين استعمارها لم تكن أرضا خلاء غير تابعة لأية دولة، بل “كانت جزءا من دولة ذات سيادة معترف بها”.

واستمرت التدوينة مسجلة أنه في سنة 1976 استقرت “البوليساريو” في الجزائر، في مخيمات تندوف، التي ضمت “اللاجئين الصحراويين”، وانطلقت الحرب التي توقفت باتفاق لوقف إطلاق النار سنة 1991، مع “وعد الاستفتاء”. هنا، ذكرت السياسية أن “مشكل الاستفتاء إلى يومنا هذا، هو عدم وجود توافق حول من يتحقق فيهم شرط التصويت”.

وكتبت ريما حسن أن المغرب “عمليا له سيطرة كاملة، على أزيد من ثمانين في المائة من الأراضي”، ومنذ سنة 2007 يقترح المغرب “خطة حكم ذاتي تحت السيادة المغربية، والمجتمع الدولي منقسم حول الموضوع”.

كما سجلت أنها “تفهم المطالبات ‘الوطنية’ المغربية، التي تقول إن الانفصال ثمرة إرث استعماري. وتفهم أيضا وجود ساكنة (لا ندري هل أغلبية أم لا، ولا يمكن أن نعرف دون استفتاء) تنادي بحقوق وخصوصيات مع تركيز على مطلب الاستقلال”، ثم تحدثت عن أن سبيل الحل هو المفاوضات بين الأطراف المعنية، وتجديد العلاقات الجزائرية – المغربية التي لها الكثير لتخسره في الفرقة، والكثير لتربحه إذا اختارت اللقاء.

ونبهت السياسية أيضا على دور “الغربيين، الذين لعبوا دورا غير صحي منذ الاستعمار إلى يومنا هذا في المنطقة، من أجل الاستغلال والتفرقة بين أقاليم وشعوب هي في الأصل شعوب متآخية”، مع ذكرها أن “حضور إسرائيل في شمال إفريقيا” يزيد التوترات “عواصة”، مع استغلال “شبكات داعمة لإسرائيل” هذه القضية من أجل “التفرقة بين الجزائريين والمغاربة”.

واستحضرت في هذا السياق تحقيقا لـ”منصة إيكاد”، منذ شهور، برهن على أن 22 ألف حساب مزور على الأقل يسهم في بث الفرقة بين المغاربة والجزائريين، بالتدوين مع ادعاء الانتماء للمنطقة.

وفي التدوينة الثانية، ذكرت ريما حسن أنها وجدت نفسها منذ دخول السياسة “عالقة ومختنقة” بسبب الانقسام والحزازات بين المغاربة والجزائريين، وفي قلب ذلك “موضوع الصحراء”. ولذلك، اختارت الحديث بتفصيل، بعيدا عن “المواقف التي تُعكس عليها”.

ومع حديثها عن أطراف النزاع الثلاثة وهم المغرب و”البوليساريو” والجزائر، فإن من بين ما سطرت عليه عدم إمكان قبول السماح باستمرار قول إن ما يعيشه الشعب الفلسطيني يشبه ما يحدث في ملف الصحراء نظرا لطبيعة النزاع الجهوي “العربي-العربي”، غير القابل للمقارنة بـ”الإبادة الجارية” ضد الفلسطينيين في إطار “استعمار يندرج ضمن أجندة احتلال إمبريالي غربي”.