جاء في كتب التاريخ السوداني، ان اسماعيل الازهري يعتبر أول رئيس وزراء للسودان ، حيث تولى منصبه بين عامي ١٩٥٤ و١٩٥٦، وهي الفترة التي شهدت تطوراً في مسيرة السودان نحو الاستقلال الذي أُعلن في ١/ يناير ١٩٥٦، ومن بعد تشكيل هذه الحكومة الانتقالية السابقة التي تراسها الازهري، جاءت من بعده -خلال فترة الـ(٦٩) عام الماضية- العديد من الحكومات المركزية والولائية فاق عدها ال(٩٠) حكومة ولا توجد احصائية رسمية باعدادها.

وما من رئيس وزراء حكم البلاد خلال الفترات السابقة، الا وملأ الدنيا بالتصريحات الضخمة والفقاعات الكلامية، رؤساء لمعوا انفسهم كثيرا في كلامهم ووعوداتهم ، هذه الظاهرة الجديدة كانت في سنوات الستينات والسبعينات محل جدل وغضب المواطنين بسبب عدم قبولهم ما صدر من رؤساء الحكومات ، الكثيرين من المواطنين لمسوا ان هناك فرق كبير بين التصريحات التي صدرت من رؤساء الحكومات المركزية والولائية، من وعود وتعهدات وما بين افعالهم المتناقضة مع ما وعدوا بها الشعب، ولكن مع مرور الزمن وظهور رؤساء كثيرين، تاقلم الشعب علي اجواء الكذب والتضليل، فقد وجدوا ان كل رئيس وزراء جاء للحكم، سار علي نفس درب سابقيه في الادلاء بالتصريحات الخالية من اي صدق او تعهدات، والكذب بلا خجل.

ما هو مكتوب اعلاه، مدخل للحديث عن التصريح الاستفزازاي الذي صدر من رئيس الوزراء كامل ادريس، وقال فيه ان “مدينة أم درمان باتت أكثر أمانًا من باريس”!!، ولكن يبدو ان كامل لا يطالع الصحف والمواقع السودانية التي دابت علي نشر اخبار الانفلات الامني المريع الذي ضرب البلاد من اقصاها الي ادناها، وان العاصمة الخرطوم رغم ما فيها من خراب ودمار باتت تنام وتصحو علي جرائم لا تتوقف ليل نهار، وان عشرات الالاف من المواطنين الذين قبلوا علي انفسهم السكن والاقامة في مناطق الخرطوم المتعددة، لا يعرفون ان كانوا سيشهدون صباح يوم جديد ملئ بالامل والتفاؤل.

لرئيس الوزراء كامل، اهدي مقال نشر بصحيفة “التغيير”، وهو مقال حديث وليس قديم، ونشر في يوم ١١/ اغسطس ٢٠٢٥- ليعرف من خلاله حال ما يجري حوله:-“الخرطوم.. عاصمة الخوف والنهب المسلح “- العاصمة الخرطوم التي كانت تنبض بالحياة قبل الحرب، تتحول ببطء إلى مدينة مفككة يسكنها الخوف، وتغيب عنها الدولة. وكشف الوضع الأمني المنهار عن ظهور فئات جديدة من الناهبين، تضم عصابات مدنية تشكلت أثناء الحرب من مجرمين فارين من السجون، إلى جانب مجموعات ترتدي الزي الرسمي لكنها لا تنتمي لأي جهة معلومة. وحسب تقارير موثوقة من منظمات حقوقية فإن الانتهاكات على المدنيين في الخرطوم ظلت مستمرة حتى بعد خروج قوات الدعم السريع، ما يرجح أنه تتم من داخل المؤسسة العسكرية النظامية نفسها. في تقرير صادر عن منظمة “تحالف السودان للحقوق” (Sudanese Alliance for Rights – SAR) في أبريل 2025، تم توثيق عشرات الحالات التي قام فيها جنود يرتدون الزي الرسمي للقوات المسلحة السودانية بانتهاكات في مناطق مثل الكلاكلة والصحافة والحتانة. تضمنت تلك الانتهاكات اقتحام منازل، نهب ممتلكات، وترويع السكان، وغالبا ما تمت في وضح النهار، دون أي مقاومة أو تدخل رسمي. من جهتها، أشارت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها السنوي إلى تزايد حالات النهب في المناطق التي دخلها الجيش عقب انسحاب قوات الدعم السريع. وأكدت شهادات من سكان أمدرمان والخرطوم أن جنودا من الجيش شاركوا في نهب ممتلكات خاصة والسطو على منازل خالية. كما عبّر كثيرون عن إحباطهم من غياب أي محاسبة داخل المؤسسة العسكرية، ما يشير إلى وجود تواطؤ أو على الأقل “صمت مؤسسي”. في موازاة هذه التقارير، تنتشر يوميا شهادات من مواطنين سودانيين على منصات التواصل الاجتماعي، منها Reddit، توثق حالات متكررة لعمليات نهب نفذها جنود الجيش في أحياء شرق النيل وأم درمان. تقول إحدى المواطنات: بعد خروج قوات الدعم السريع، قلنا أخيرا سنرتاح، لكن دخل عناصر الجيش وفتشوا البيوت، وأخذ العفش والذهب، وقالوا إن ما قاموا به هو إجراء روتيني. هذا الواقع جعل من الصعب التمييز بين من يُفترض أن يكون في موقع الحماية، ومن يمارس الانتهاك، خاصة في ظل تلاشي خطوط السلطة المركزية، وتعدد الجهات المسلحة، واختلاط الأزياء الرسمية بالعصابات المدن. ينشر منتدى الإعلام السوداني والمؤسسات الأعضاء فيه هذه المادة من إعداد صحيفة (التغيير) في إطار عكس التردي الأمني والكلفة العالية التي يدفعها المواطنون في الخرطوم حتى بعد توقف العمليات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع، وتشير المادة إلى غياب تام لعناصر الشرطة والنيابات، ما يغيب بدوره أي جهة قانونية يمكن الرجوع إليها.-انتهي-

من تابع بدقة سلسلة تاريخ رؤساء الحكومات الذين حكموا البلاد، يجد ان الصادق المهدي وبكري حسن صالح، كانا افشل رئيسين، وان سبب انقلاب يونيو ١٩٨٩، كان بسبب الصادق الضعيف الشخصية ولم يقدر علي ضبط الانفلات الامني.. واليوم نامل الا يحذو كامل ادريس حذو الصادق وبكري، ولا ينقاذ لعسكر السلطة، وان يكف عن التصريحات الكاذبة والفقاعات الكلامية، وليعلم انه تحت رقابة شعبية قوية، ولن يتركه احد ان “جلط” وتساهل في اداء واجبه واولها بسط الامن والامان في كل ربوع البلاد، لا الخرطوم وحدها التي هي- حسب كلامه – “اكثر امانا من باريس”… واتمني ان يعتذر عن تصريحه السخيف..ملحوظة يا كامل، باريس الامنة مازالت تستقبل اللاجئين والهاربين من اوضاع بلادهم المزرية.